الکتاب
«إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبَالِ فَأَبَیْنَ أَن یَحْمِلْنَهَا وَ أَشْفَقْنَ مِنْهَا وَ حَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ کَانَ ظَلُومًا جَهُولًا».(1)
الحدیث
232.رسول اللّه صلی الله علیه وآله: إنَّ أنفُسَنا وأهلینا، ومَوالِیَنا وأولادَنا مِن مَواهِبِ اللّهِ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ الهَنیئَةِ، وعَواریهِ المُستَودَعَةِ، نُمَتَّعُ بِها إلى أجَلٍ مَعلومٍ، وتُقبَضُ لِوَقتٍ مَعدودٍ.
ثُمَّ افتَرَضَ عَلَینَا الشُّکرَ إذا أعطانا، وَالصَّبرَ إذَا ابتَلانا.(2)
233.عنه صلی الله علیه وآله: أیُّهَا النّاسُ! إنَّ النِّساءَ عِندَکُم عَوانٍ(3).. أخَذتُموهُنَّ بِأَمانَةِ اللّهِ، وَاستَحلَلتُم فُروجَهُنَّ بِکَلِماتِ اللّهِ، فَلَکُم عَلَیهِنَّ حَقٌّ ولَهُنَّ عَلَیکُم حَقٌّ.
ومِن حَقِّکُم عَلَیهِنَّ أن لا یُوَطِئنَ فُرُشَکُم، ولا یَعصِینَکُم فی مَعروفٍ، فَإِذا فَعَلنَ ذلِکَ، فَلَهُنَّ رِزقُهُنَّ وکِسوَتُهُنَّ بِالمَعروفِ، ولا تَضرِبوهُنَّ.(4)
234.عنه صلی الله علیه وآله: الفَرجُ أمانَةٌ، وَالسَّمعُ أمانَةٌ، وَالبَصَرُ أمانَةٌ، وَاللِّسانُ أمانَةٌ، وَالقَلبُ أمانَةٌ، ولا إیمانَ لِمَن لا أمانَةَ لَهُ.(5)
235.الإمام علیّ علیه السلام: اللّهُمَّ اجعَل نَفسی أوَّلَ کَریمَةٍ تَنتَزِعُها مِن کَرائِمی، وأوَّلَ وَدیعَةٍ تَرتَجِعُها مِن وَدائِعِ نِعَمِکَ عِندی.(6)
236.عنه علیه السلام: اللّهَ اللّهَ ـ أیُّهَا النّاسُ ـ فیمَا استَحفَظَکُم مِن کِتابِهِ، وَاستَودَعَکُم مِن حُقوقِهِ، فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ لَم یَخلُقکُم عَبَثا، ولَم یَترُککُم سُدىً.(7)
237.عنه علیه السلام: رَحِمَ اللّهُ امرَأً راقَبَ رَبَّهُ، وتَنَکَّبَ(8) ذَنبَهُ، وکابَرَهَواهُ، وکَذَّبَ مُناهُ، امرَأً زَمَّ(9) نَفسَهُ مِنَ التَّقوى بِزِمامٍ، وألجَمَها مِن خَشیَةِ رَبِّها بِلِجامٍ، فَقادَها إلَى الطّاعَةِ بِزِمامِها، وقَدَعَها(10) عَنِ المَعصِیَةِ بِلِجامِها، رافِعا إلَى المَعادِ طَرفَهُ، مُتَوَقِّعا فی کُلِّ أوانٍ حَتفَهُ، دائِمَ الفِکرِ، طَویلَ السَّهَرِ، عَزوفا عَنِ الدُّنیا سَأَما، کَدوحا لِآخِرَتِهِ مُتَحافِظا(11)، امرَأً جَعَلَ الصَّبرَ مَطِیَّةَ نَجاتِهِ، وَالتَّقوى عُدَّةَ وَفاتِهِ، ودَواءَ أجوائِهِ، فَاعتَبَرَ وقاسَ، وتَرَکَ الدُّنیا وَالنّاسَ، یَتَعَلَّمُ لِلتَّفَقُّهِ وَالسَّدادِ، وقَد وَقَرَ(12) قَلبَهُ ذِکرُ المَعادِ، وطَوى مِهادَهُ، وهَجَرَ وِسادَهُ، مُنتَصِبا على أطرافِهِ، داخِلاً فی أعطافِهِ، خاشِعا للّهِِ عَزَّ وجَلَّ، یُراوِحُ بَینَ الوَجهِ وَالکَفَّینِ.
خَشوعٌ فِی السِّرِّ لِرَبِّهِ، لَدَمعُهُ صَبیبٌ(13)، ولَقَلبُهُ وَجیبٌ(14)، شَدیدَةٌ أسبالُهُ(15)، تَرتَعِدُ مِن خَوفِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ أوصالُهُ، قَد عَظُمَت فیما عِندَ اللّهِ رَغبَتُهُ، وَاشتَدَّت مِنهُ رَهبَتُهُ، راضِیا بِالکَفافِ مِن أمرِهِ، یُظهِرُ دونَ ما یَکتُمُ، ویَکتَفی بِأَقَلَّ مِمّا یَعلَمُ.
اُولئِکَ وَدائِعُ اللّهِ فی بِلادِهِ، المَدفوعُ بِهِم عَن عِبادِهِ، لَو أقسَمَ أحَدُهُم عَلَى اللّهِ جَلَّ ذِکرُهُ لَأَبَرَّهُ، أو دَعا عَلى أحَدٍ نَصَرَهُ اللّهُ، یَسمَعُ إذا ناجاهُ، ویَستَجیبُ لَهُ إذا دَعاهُ.(16)
1) الأحزاب: 72.
2) مسکّنُ الفؤاد: ص 108، نزهة الناظر: ص 50 ح 94 نحوه، بحار الأنوار: ج 82 ص 95 ح 46؛ المعجم الکبیر: ج 20 ص 156 ح 324 عن معاذ بن جبل نحوه، کنز العمّال: ج 15 ص 746 ح 42963.
3) العانی: الأسیر وکلُّ من ذلّ واستکان وخضع فقد عنا، والمرأة عانیة وجمعها عوان. وفی الحدیث: اتّقوا اللّه فی النساء فإنّهن عوان عندکم، أی اُسراءأو کالاُسراء (النهایة: ج 3 ص 314 «عنا»).
4) الخصال: ص 487 ح 63، بحار الأنوار: ج 21 ص 381 ح 8؛ المنتخب من مسند عبد بن حمید: ص 271 ح 858، تفسیر الطبری: ج 3 الجزء 4 ص 311 کلاهما عن ابن عمر ولیس فیهما «ولا تضربوهنّ»، کنز العمّال: ج 16 ص 378 ح 44986.
5) جامع الأحادیث للقمیّ: ص 105.
6) نهج البلاغة: الخطبة 215، الدّعوات: ص 133 ح 330، بحار الأنوار: ج 94 ص 230 ح 4.
7) نهج البلاغة: الخطبة 86.
8) تنکّبهُ: أی تجنّبهُ (الصحاح: ج 1 ص 228 «نکب»).
9) الزّمام: الخیطُ الذی یشدّ فی البرة أو فی الخشاش ثمّ یشدّ فی طرفه المقود، وقد یسمّى المقود زماما (الصحاح: ج 5 ص 1944 «زمم»).
10) قدعنی: أی کفّنی، وأصلُ القدع: الکفّ والمنع (النهایة: ج 4 ص 24 «قدع»).
11) المحافظة: المراقبة، والتحفّظ: التیقُّظ وقلّة الغفلة (الصحاح: ج 3 ص 1172 «حفظ»).
12) وقره: صدعه، والوقر فی العظم: شیءٌ من الکسر (تاج العروس: ج 7 ص 598 «وقر»).
13) الصبیبُ: الماء المصبوب (تاج العروس: ج 2 ص 138 «صبب»).
14) وجب القلبُ وجیبا، اضطرب (الصحاح: ج 1 ص 232 «وجب»).
15) أسبلَ الدمعُ والمطرُ: إذا هطلا (النهایة: ج 2 ص 340 «سَبَلَ»).
16) الکافی: ج 8 ص 172 ح 193 عن جابر عن الإمام الباقر علیه السلام، تحف العقول: ص 208 نحوه، بحار الأنوار: ج 77 ص 349 ح 30.