[قُسُّ بن ساعدة الإیادی، من إیاد بن أد بن معد، وکان حکیم العرب، وکان مقرّاً بالبعث، وهو الذی قال: من عاش مات، ومن مات فات، وکلّ ما هو آت آت، وقد ضرب العربُ بحکمته وعقله الأمثال (مروج الذهب: ج 1 ص 69).]
355. رسول اللّه صلی الله علیه وآله: رَحِمَ اللّهُ قُسّاً، یُحشَرُ یَومَ القِیامَةِ اُمَّةً وَحدَهُ. (1)
356. عنه صلی الله علیه وآله: یَرحَمُ اللّهُ قُسَّ بنَ ساعِدَةَ، إنّی لَأَرجو أن یَأتِیَ یَومَ القِیامَةِ اُمَّةً وَحدَهُ. (2)
357. الأمالی للمفید عن ابن عبّاس: لَمّا قَدِمَ عَلَى النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله وَفدُ إیادٍ، قالَ لَهُم: ما فَعَلَ قُسُّ بنُ ساعِدَةَ؟ قالوا: ماتَ یا رَسولَ اللّهِ.
فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه وآله: رَحِمَ اللّهُ قُسَّ بنَ ساعِدَةَ، کَأَنّی أنظُرُ إلَیهِ بِسوقِ عُکاظٍ عَلى جَمَلٍ أورَقَ (3)، وهُوَ یَتَکَلَّمُ بِکَلامٍ عَلَیهِ حَلاوَةٌ ما أَجِدُنی أحفَظُهُ.
فَقالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ: أنَا أحفَظُهُ یا رَسولَ اللّهِ، سَمِعتُهُ وهُوَ یَقولُ بِسوقِ عُکاظٍ: أیُّهَا النّاسُ! اِسمَعوا، وعوا، وَاحفَظوا: مَن عاشَ ماتَ، ومَن ماتَ فاتَ، وکُلُّ ما هُوَ آتٍ آتٍ، لَیلٌ داجٍ (4)، وسَماءٌ ذاتُ أبراجٍ، وبِحارٌ تَرَجرَجُ (5)، ونُجومٌ تَزهَرُ، ومَطَرٌ ونَباتٌ، وآباءٌ واُمَّهاتٌ، وذاهِبٌ وآتٍ، وضَوءٌ وظَلامٌ، وبِرٌّ وآثامٌ، ولِباسٌ ورِیاشٌ، ومَرکَبٌ، ومَطعَمٌ ومَشرَبٌ.
إنَّ فِی السَّماءِ لَخَبَراً، وإنَّ فِی الأَرضِ لَعِبَراً! ما لی أرَى النَّاسَ یَذهَبونَ ولا یَرجِعونَ؟! أرَضوا بِالمُقامِ هُناکَ فَأَقاموا، أم تُرِکوا فَناموا؟ یُقسِمُ بِاللّهِ قُسُّ بنُ ساعِدَةَ قَسَماً بَرّاً لا إثمَ فیهِ، ما للِّهِ عَلَى الأَرضِ دینٌ أحَبُّ إلَیهِ مِن دینٍ قَد أضَلَّکُم زَمانُهُ، وأدرَکَکُم أوانُهُ، طوبى لِمَن أدرَکَ صاحِبَهُ فَتابَعَهُ، ووَیلٌ لِمَن أدرَکَهُ فَفارَقَهُ. ثُمَّ أنشَأَ یَقولُ:
فِی الذّاهِبینَ الأَوَّلیــ
نَ مِنَ القُرونِ لَنا بَصائِر
لَمّا رَأَیتُ مَوارِداً
لِلمَوتِ لَیسَ لَها مَصادِر
ورَأَیتُ قَومی نَحوَها
تَمضِی الأَصاغِرُ وَالأَکابِر
لا یَرجِعُ الماضی إلَیـ
ـکَ ولا مِنَ الماضینَ غابِر
أیقَنتُ أنّی لا مَحا
لَةَ حَیثُ صارَ القَومُ صائِر
فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه وآله: یَرحَمُ اللّهُ قُسَّ بنَ ساعِدَةَ، إنّی لَأَرجو أن یَأتِیَ یَومَ القِیامَةِ اُمَّةً وَحدَهُ. (6)
1) کمال الدین: ص 167 ح 22 عن محمّد بن مسلم عن الإمام الباقر علیه السلام، کنز الفوائد: ج 2 ص 136، الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1082 ح 14، بحار الأنوار: ج 15 ص 184 ح 8؛ السیرة النبویّة لابن کثیر: ج 1 ص 150وفیه «سیبعث» بدل «یحشر».
2) الأمالی للمفید: ص 342 ح 7 عن ابن عبّاس، بحار الأنوار: ج 15 ص 228 ح 51.
3) أورَقُ: أسمرُ (النهایة: ج 5 ص 175 «ورق»).
4) دجا اللیل: إذا تمّت ظلمته وألبس کلّ شیء (النهایة: ج 2 ص 102 «دجا»).
5) تَرجْرَجَ الشیء: أی جاء وذهب، والرجرجة: الإضطراب (الصحاح: ج 1 ص 317 «رجج»).
6) الأمالی للمفید: ص 341 ح 7، بحار الأنوار: ج 15 ص 228 ح 51؛ مروج الذهب: ج 1 ص 69 نحوه.