الکتاب
(إِنَّ إِبْرَاهِیمَ کَانَ اُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِیفًا وَ لَمْ یَکُ مِنَ الْمُشْرِکِینَ- شَاکِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَ هَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِیمٍ). (1)
الحدیث
346. رسول اللّه صلی الله علیه وآله: ما مِن عَبدٍ یَشهَدُ لَهُ اُمَّةٌ إلّا قَبِلَ اللّهُ شَهادَتَهُم، وَالاُمَّةُ الرَّجُلُ فَما فَوقَهُ، إنَّ اللّهَ یَقولُ: (إِنَّ إِبْرَاهِیمَ کَانَ اُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِیفًا وَ لَمْ یَکُ مِنَ الْمُشْرِکِینَ). (2)
347. الإمام الباقر علیه السلام ـ فی قَولِهِ تَعالى: (إِنَّ إِبْرَاهِیمَ کَانَ اُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِیفًا) ـ: وذالِکَ أنَّهُ کانَ عَلى دینٍ لَم یَکُن عَلَیهِ أحَدٌ غَیرُهُ، فَکانَ اُمَّةً واحِدَةً، وإنَّما قالَ: «قانِتاً» فَالمُطیعُ، وأَمَّا «الحَنیفُ» فَالمُسلِمُ. (3)
348. الإمام الصادق علیه السلام ـ فی قَولِهِ عز و جل: (إِنَّ إِبْرَاهِیمَ کَانَ اُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِیفًا) ـ: سَمّاهُ الله اُمَّةً. (4)
349. الإمام الباقر و الإمام الصادق علیهم السلام ـ فی قولِهِ عز و جل: (إنَّ إبراهیمَ کانَ اُمَّةً قانِتاً لِّلِّه حَنیفاً) ـ: شَیءٌ فَضَّلَهُ (5) الله بِهِ. (6)
350. الکافی عن سماعة بن مهران: قالَ لی عَبدٌ صالِحٌ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِ: یا سَماعَةُ، أمِنوا عَلى فُرُشِهِم وأَخافونی، أما وَاللّهِ لَقَد کانَتِ الدُّنیا، وما فیها إلّا واحِدٌ یَعبُدُ اللّهَ، ولَو کانَ مَعَهُ غَیرُهُ لَأَضافَهُ اللّهُ عز و جل إلَیهِ، حَیثُ یَقولُ: (إِنَّ إِبْرَاهِیمَ کَانَ اُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِیفًا وَ لَمْ یَکُ مِنَ الْمُشْرِکِینَ) فَغَبَرَ (7) بِذالِکَ ما شاءَ اللّهُ، ثُمَّ إنَّ اللّهَ آنَسَهُ بِإِسماعیلَ وإسحاقَ فَصاروا ثَلاثَةً.
أما وَاللّهِ إنَّ المُؤمِنَ لَقَلیلٌ وإنَّ أهلَ الکُفرِ لَکَثیرٌ، أتَدری لِمَ ذاکَ؟ فَقُلتُ: لا أدری جُعِلتُ فِداکَ، فَقالَ: صُیِّروا اُنساً لِلمُؤمِنینَ، یَبُثّونَ إلَیهِم ما فی صُدورِهِم، فَیَستَریحونَ إلى ذالِکَ ویَسکُنونَ إلَیهِ. (8)
351. الکافی عن مسعدة بن صدقة: سَمِعتُ أبا عَبدِ اللّهِ علیه السلام یَقولُ، وسُئِلَ عَنِ الأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهیِ عَنِ المُنکَرِ، أواجِبٌ هُوَ عَلَى الاُمَّةِ جَمیعاً؟ فَقالَ: لا. فَقیلَ لَهُ: ولِمَ؟
قالَ: إنَّما هُوَ عَلَى القَوِیِّ المُطاعِ، العالِمِ بِالمَعروفِ مِنَ المُنکَرِ، لا عَلَى الضَّعیفِ الَّذی لا یَهتَدی سَبیلاً إلى أیٍّ مِن أیٍّ، یَقولُ مِنَ الحَقِّ إلَى الباطِلِ، وَالدَّلیلُ عَلى ذالِکَ کِتابُ اللّهِ عز و جل قَولُهُ: (وَلْتَکُن مِّنکُمْ اُمَّةٌ یَدْعُونَ إِلَى الْخَیْرِ وَیَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنکَرِ) (9) فَهذا خاصُّ غَیرُ عامٍّ.
کَما قالَ اللّهُ عز و جل: (وَمِن قَوْمِ مُوسَى اُمَّةٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ یَعْدِلُونَ) **الأعراف: 159.@، ولَم یَقُل عَلى اُمَّةِ موسى، ولا عَلى کُلِّ قَومِهِ، وهُم یَومَئِذٍ اُمَمٌ مُختَلِفَةٌ، وَالاُمَّةُ واحِدٌ (10) فَصاعِداً، کَما قالَ اللّهُ عز و جل: (إِنَّ إِبْرَاهِیمَ کَانَ اُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ) (11)، یَقولُ: مُطیعاً لِلّهِ عز و جل. (12)
352. دعائم الإسلام عن الإمام الصادق علیه السلام ـ لِسائلٍ، فی قَولِهِ تَعالى: (کُنتم خَیر اُمَّةٍ اُخرجَت لِلنّاس) ـ: قالَ علیه السلام: لَو کانَ اللّهُ عز و جل عَنى جَمیعَ المُسلِمینَ أنَّهُم خَیرُ اُمَّةٍ اُخرِجَت لِلنّاسِ، لَم یُعرَفِ النّاسُ الَّذینَ اُخرِجَ إلَیهِم جَمیعُ المُسلِمینَ مَن هُم! کَلّا، لَن یَعنِیَ اللّهُ الَّذینَ تَظُنّونَ مِن هَمَجِ (13) هذَا الخَلقِ، ولکِن عَنَى اللّهُ الاُمَّةَ الَّتی بَعَثَ فیها مُحَمَّداً صلی الله علیه وآله.
قالَ السّائِلُ: فَإِنَّهُ لَم یَکُن مَعَهُ إلّا عَلِیٌّ علیه السلام وَحدَهُ!
فَقالَ أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام: إنَّ مَعَ عَلِیٍّ فاطِمَةَ وَالحَسَنَ وَالحُسَینَ علیهم السلام، وهُمُ الَّذینَ أذهَبَ اللّهُ عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهَّرَهُم تَطهیراً، وأصحابُ الکِساءِ هُمُ الَّذینَ (14) شَهِدَ لَهُمُ الکِتابُ بِالتَّطهیرِ.
وقَد کانَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه وآله وَحدَهُ اُمَّةً؛ لِأَنَّ اللّهَ سُبحانَهُ یَقولُ: (إِنَّ إِبْرَاهِیمَ کَانَ اُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِیفًا) فَکانَ إبراهیمُ وَحدَهُ اُمَّةً ثُمَّ رَفَدَهُ (15) بَعدَ کِبَرِهِ بِإِسماعیلَ وإسحاقَ، وجَعَلَ فی ذُرِّیَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالکِتابَ، وکَذالِکَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه وآله کانَ وَحدَهُ اُمَّةً ثُمَّ رَفَدَهُ بِعَلِیٍّ وفاطِمَةَ علیهاالسلام، وکَثَّرَهُ بِالحَسَنِ وَالحُسَینِ علیهماالسلام، کَما کَثَّرَ إبراهیمَ بِإِسماعیلَ وإسحاقَ علیهم السلام، وجَعَلَ الإِمامَةَ الَّتی هِیَ خَلَفُ النُّبُوَّةِ فی ذُرِّیَّتِهِ مِن وُلدِ الحُسَینِ بنِ عَلِیٍّ علیه السلام، کَما جَعَلَ النُّبُوَّةَ فی ذُرِّیَّةِ إسحاقَ علیه السلام، ثُمَّ خَتَمَها بِذُرِّیَّةِ إسماعیلَ علیه السلام، وکَذالِکَ کانَتِ الإِمامَةُ فِی الحَسَنِ بنِ عَلِیٍّ علیه السلام لِسَبقِهِ. (16)
353. الدرّ المنثور عن ابن عبّاس ـ فی قَولِهِ تَعالى: (إنَّ إبراهیمَ کَانَ اُمَّةً قَانتاً لِلِه) ـ: کانَ عَلَى الإِسلامِ، ولَم یَکُن فی زَمانِهِ مِن قَومِهِ أحَدٌ عَلَى الإِسلامِ غَیرُهُ، فَلِذالِکَ قالَ اللّهُ: «کَانَ اُمَّةً قَانِتًا». (17)
1) النحل: 12و 121.
2) الدرّ المنثور: ج 5 ص 176نقلاً عن ابن مردویه عن أنس.
3) تفسیر القمّی: ج 1 ص 392 عن أبی الجارود.
4) تفسیر العیّاشی: ج 2 ص 274 ح 82 عن أبی بصیر، تفسیرالقمّی: ج 1 ص 323 من دون إسنادٍ إلی أحد من أهل البیت علیهم السلام، بحار الأنوار: ج 51 ص 44 ح 1.
5) فی المصدر: «فضّل»، بحار الأنوار: ج 51 ص 44 ح 1.
6) تفسیر العیّاشی: ج 2 ص 274 ح 81 عن زرارة و حمران و محمّد بن مسلم، بحار الأنوار: ج 12 ص 12 ح 33.
7) غَبَرَ: مَکَثَ (المصباح المنیر: ص 442 «غبر»).
8) الکافی: ج 2 ص 243 ح 5، تفسیر العیّاشی: ج 2 ص 274 ح 84و فیه «فصبر» بدل «فغبر» و لیس فیه ذیلة من «أما والله إنّ المؤمن»، بحار الأنوار: ج 67 ص 162 ح 7.
9) آل عمران: 104.
10) فی المصدر: «واحدة»، والصواب ما أثبتناه کما فی جمیع المصادر.
11) النحل: 120.
12) الکافی: ج 5 ص 59 ح 16، تهذیب الأحکام: ج 6 ص 177 ح 360، مشکاة الأنوار: ص 103 ح 236، بحار الأنوار: ج 100 ص 93 ح 92.
13) الهَمَجُ: یقال للرعاع من الناس الحَمقى: إنّما هم همج (الصحاح: ج 1 ص 351 «همج»).
14) کذا، ولعلّ الصواب: «وهُم أصحابُ الکِساء الذین…».
15) الرِّفْدُ: العطاء والصلة، تقول: رَفَدتُه أرفُدُه: إذا أعطیته (الصحاح: ج 2 ص 475 «رفد»).
16) دعائم الإسلام: ج 1 ص 35.
17) الدرّ المنثور: ج 5 ص 176 نقلاً عن ابن أبی حاتم.