الکتاب
(وَ کَذَالِکَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِکَ فِى قَرْیَةٍ مِّن نَّذِیرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا ءَابَاءَنَا عَلَى اُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلَى ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ- قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُکُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَیْهِ ءَابَاءَکُمْ قَالُواْ إِنَّا بِمَا اُرْسِلْتُم بِهِ کَافِرُونَ- فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ کَیْفَ کَانَ عَاقِبَةُ الْمُکَذِّبِینَ).الزخرف: 23ـ 25.
الحدیث
45. رسول اللّه صلی الله علیه وآله: إنَّ أخوَفَ ما أخافُ عَلَیکُمُ الأَئِمَّةَ المُضِلّینَ. (1)
46. عنه صلی الله علیه وآله: إنَّما أخافُ عَلى اُمَّتِیَ الأَئِمَّةَ المُضِلّینَ، وإذا وُضِعَ السَّیفُ فی اُمَّتی لَم یُرفَع عَنها إلى یَومِ القِیامَةِ، ولا تَقومُ السّاعَةُ حَتّى تَلحَقَ قَبائِلُ مِن اُمَّتی بِالمُشرِکینَ، وحَتّى تَعبُدَ قَبائِلُ مِن اُمَّتِیَ الأَوثانَ.
وإنَّهُ سَیَکونُ فی اُمَّتی کَذّابونَ ثَلاثونَ، کُلُّهُم یَزعُم أنَّهُ نَبِیٌّ، وأَنَا خاتَمُ النَّبِیّینَ، لا نَبِیَّ بَعدی. ولا تَزالُ طائِفَةٌ مِن اُمَّتی عَلَى الحَقِّ ظاهِرینَ، لا یَضُرُّهُم مَن خالَفَهُم حَتّى یأتِیَ أمرُ اللّهِ. (2)
47. مسند ابن حنبل عن صفوان: حَدَّثَنی أبُو المُخارِقِ زُهَیرُ بنُ سالِمٍ أنَّ عُمَیرَ بنَ سَعدٍ الأَنصارِیَّ کانَ وَلّاهُ عُمَرُ حِمصَ، فَذَکَرَ الحَدیثَ، قالَ عُمَرُ ـ یَعنی لِکَعبٍ ـ: إنّی أسأَلُکَ عَن أمرٍ فَلا تَکتُمنی. قالَ: وَاللّهِ لا أکتُمُکَ شَیئاً أعلَمُهُ.
قالَ: [ما] (3) أخوَفُ شَیءٍ تَخَوَّفُهُ على اُمّةِ مُحمّدٍ صلی الله علیه وآله؟ قالَ: أئِمَّةً مُضِلِّینَ.
قالَ عُمَرُ: صَدَقتَ، قَد أسَرَّ ذالِکَ إلَیَّ وأعلَمَنیهِ رسولُ اللّهِ صلی الله علیه وآله. (4)
48. الإمام علیّ علیه السلام: کُنّا جُلوساً عِندَ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله وهُوَ نائِمٌ ورأسُهُ فی حِجری، فَتَذاکَرنا الدَّجّالَ، فَاستَیقَظَ النَّبِیُّ صلی الله علیه وآله مُحمَرّاً وَجهُهُ، فَقالَ:
لَغَیرُ الدَّجّالِ أخوَفُ عَلَیکُم مِنَ الدَّجّالِ: الأَئِمَّةُ المُضِلّونَ، وسَفکُ دِماءِ عِترَتی مِن بَعدی؛ أنَا حَربٌ لِمَن حارَبَهُم، وَسِلمٌ لِمَن سالَمَهُم. (5)
49. رسول اللّه صلی الله علیه وآله: لَستُ أخافُ عَلى اُمَّتی جوعاً یَقتُلُهُم، وَلا عَدُوّاً یَجتاحُهُم، وَلـکِنِّی أخافُ على اُمَّتی أئِمَّةً مُضِلّینَ؛ إن أطاعوهُم فَتَنوهُم، وإن عَصَوهُم قَتَلوهُم. (6)
50. عنه صلی الله علیه وآله: إذا أرادَ اللّهُ بِقَومٍ شَرّاً أکثَرَ جُهّالَهُم وأَقَلَّ فُقَهاءَهُم، فَإِذا تَکَلَّمَ الجاهِلُ وَجَدَ أعواناً، وَإِذا تَکَلَّمَ الفَقیهُ قُهِرَ. (7)
51. عنه صلی الله علیه وآله: إذا أرادَ [اللّهُ] بِقَومٍ شَرّاً وَلّى عَلَیهِم سُفَهاءَهُم، وقَضّى بَینَهُم جُهّالَهُم، وجَعَلَ المالَ فی بُخَلائِهِم. (8)
52. الإمام علیّ علیه السلام ـ فِی الحِکَمِ المَنسوبَةِ إلَیهِ ـ: إنَّ أخوَفَ ما أخافُ عَلى هذِهِ الاُمَّةِ مِنَ الدَّجّالِ، أئِمَّةٌ مُضِلّونَ، وهُم رُؤَساءُ أهلِ البِدَعِ. (9)
53. عنه علیه السلام: لِکُلِّ اُمَّةٍ آفَةٌ، وآفَةُ هذِهِ الاُمَّةِ بَنو اُمَّیَةَ. (10)
54. عنه علیه السلام ـ فی خُطبَتِهِ المُسمّاةِ بِالقاصِعَةِ ـ: ألا وقَد أمعَنتُم فِی البَغیِ، وأَفسَدتُم فِی الأَرضِ، مُصارَحَةً لِلّهِ بِالمُناصَبَةِ، ومُبارَزَةً لِلمُؤمِنینَ بِالمُحارَبَةِ، فَاللّهَ اللّهَ فی کِبرِ الحَمِیَّةِ وفَخرِ الجاهِلِیَّةِ! فَإِنَّهُ مَلاقِحُ الشَّنَآنِ (11)، ومَنافِخُ الشَّیطانِ، الَّتی خَدَعَ بِهَا الاُمَمَ الماضِیَةَ، وَالقُرونَ الخالِیَةَ، حَتّى أعنَقوا (12) فی حَنادِسِ (13) جَهالَتِهِ، ومَهاوی ضَلالَتِهِ، ذُلُلاً عَن سِیاقِهِ، سُلُساً (14) فی قِیادِهِ، أمراً تَشابَهَتِ القُلوبُ فیهِ، وتَتابَعَتِ القُرونُ عَلَیهِ، وکِبراً تَضایَقَتِ الصُّدورُ بِهِ.
ألا فَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن طاعَةِ ساداتِکُم وَکُبَرائِکُمُ! الَّذینَ تَکَبَّروا عَن حَسَبِهِم، وتَرَفَّعوا فَوقَ نَسَبِهِم، وأَلقَوُا الهَجینَةَ عَلى رَبِّهِم (15)، وجاحَدُوا اللّهَ عَلى ما صَنَعَ بِهِم، مُکابَرَةً لِقَضائِهِ، ومُغالَبَةً لِآلائِهِ، فَإِنَّهُم قَواعِدُ أساسِ العَصَبِیَّةِ، ودَعائِمُ أرکانِ الفِتنَةِ، وسُیوفُ اعتِزاءِ (16) الجاهِلِیَّةِ، فَاتَّقُوا اللّهَ ولا تَکونوا لِنِعَمِهِ عَلَیکُم أضداداً، ولا لِفَضلِهِ عِندَکُم حُسّاداً، ولا تُطیعُوا الأَدعِیاءَ الَّذینَ شَرِبتُم بِصَفوِکُم کَدَرَهُم، وخَلَطتُم بِصِحَّتِکُم مَرَضَهُم، وأَدخَلتُم فی حَقِّکُم باطِلَهُم، وهُم أساسُ الفُسوقِ، وأحلاسُ العُقوقِ.
اِتَّخَذَهُم إبلیسُ مَطایا ضَلالٍ، وجُنداً بِهِم یَصولُ عَلَى النّاسِ، وتَراجِمَةً یَنطِقُ عَلى ألسِنَتِهِمُ، استِراقاً لِعُقولِکُم، وَدُخولاً فی عُیونِکُم، ونَفثاً فی أسماعِکُم. فَجَعَلَکُم مَرمى نَبلِهِ، ومَوطِئَ قَدَمِهِ، ومَأخَذَ یَدِهِ.
فَاعتَبرِوا بِما أصابَ الاُمَمَ المُستَکبِرینَ مِن قَبلِکُم، مِن بأسِ اللّهِ وصَولاتِهِ، و وَقائِعِهِ ومَثُلاتِهِ، وَاتَّعِظوا بِمَثاوی خُدودِهِم ومَصارِعِ جُنوبِهِم، واستَعیذوا بِاللّهِ مِن لَواقِحِ الکِبرِ کَما تَستَعیذونَهُ مِن طَوارِقِ الدَّهرِ. (17)
55. الإمام الباقر علیه السلام ـ مِن رِسالَتِهِ إلى سَعدِ الخَیرِ ـ: وکُلُّ اُمَّةٍ قَد رَفَعَ اللّهُ عَنهُم عِلمَ الکِتابِ حینَ نَبَذوهُ، و وَلّاهُم عَدُوَّهُم حینَ تَوَلَّوهُ، وکانَ مِن نَبذِهِمُ الکِتَابَ أن أقاموا حُروفَهُ وحَرَّفوا حُدودَهُ، فَهُم یَروُونَهُ ولا یَرعَونَهُ، وَالجُهّالُ یُعجِبُهُم حِفظُهُم لِلرِّوایَةِ، وَالعُلَماءُ یَحزُنُهُم تَرکُهُم لِلرِّعایَةِ، وکانَ مِن نَبذِهِمُ الکِتابَ أن وَلَّوهُ الَّذینَ لا یَعلَمونَ، فَأَورَدوهُمُ الهَوى، وَأصدَروهُم إلَى الرَّدى، وغَیَّروا عُرَى الدّینِ، ثُمَّ وَرَّثوهُ فِی السَّفَهِ وَالصِّبا. (18)
فَالاُمَّةُ یَصدُرونَ عَن أمرِ النّاسِ بَعدَ أمرِ اللّهِ تَبارَکَ وتَعالَى وعَلَیهِ یَرِدونَ، فَبِئسَ لِلظّالِمینَ بَدَلاً؛ وَلایَةُ النّاسِ بَعدَ وَلایَةِ اللّهِ، وثَوابُ النّاسِ بَعدَ ثَوابِ اللّهِ، ورِضَا النّاسِ بَعدَ رِضَا اللّهِ! فَأَصبَحَتِ الاُمَّةُ کَذالِکَ ـ وفیهِمُ المُجتَهِدونَ فِی العِبادَةِ ـ عَلى تِلکَ الضَّلالَةِ، مُعجَبونَ مَفتونونَ، فَعِبادَتُهُم فِتنَةٌ لَهُم ولِمَنِ اقتَدى بِهِم، وقَد کانَ فِی الرُّسُلِ ذِکرى لِلعابِدینَ. (19)
56. الإمام الصادق علیه السلام: إنَّ اللّهَ لا یَستَحیی أن یُعَذِّبَ اُمَّةً دانَت بِإِمامٍ لَیسَ مِنَ اللّهِ، وإن کانَت فی أعمالِها بَرَّةً تَقِیَّةً. (20)
1) سنن الدارمی: ج 1 ص 75 ح 215 عن أبی الدرداء، سنن الترمذی: ج 4 ص 504 ح 2229، مسند ابن حنبل: ج 8 ص 326 ح 22456 کلاهما نحوه، مسند الشهاب: ج 2 ص 193 ح 1166 کلّها عن ثوبان، موارد الظمآن: ص 376 ح 1564 عن شدّاد بن أوس، حلیة الأولیاء: ج 6 ص 46 الرقم 333 عن عمر، کنز العمّال: ج 10 ص 188 ح 28986.
2) سنن أبی داود: ج 4 ص 98 ح 4252، سنن ابن ماجة: ج 2 ص 1304 ح 2 395 نحوه، مسند ابن حنبل: ج 8 ص 326 ح 22458، صحیح ابن حبّان: ج 15 ص 110ح 6714، السنن الکبرى: ج 9 ص 305 ح 18617 کلاهما نحوه وکلّها عن ثوبان، کنز العمّال: ج 11 ص 367 ح 31761؛ بحار الأنوار: ج 28 ص 32 ذیل ح 37.
3) ما بین المعقوفین أثبتناه من کنزالعمّال، وهو ممّا یقتضیه السیاق.
4) مسند ابن حنبل: ج 1 ص 97 ح 293، کنز العمّال: ج 5 ص 756 ح 14293.
5) الأمالی للطوسی: ص 512 ح 1120 عن عبد اللّه بن یحیى الحضرمی، الاحتجاج: ج 1 ص 632 ح 147 عن یحیى الحضرمی، بحار الأنوار: ج 28 ص 48 ح 12؛ المصنّف لابن أبی شیبة: ج 8 ص 653 ح 32، مسند أبی یعلى: ج 1 ص 244 ح 462 کلاهما عن عبد اللّه بن نجی نحوه ولیس فیهما ذیله من «وسفک دماء»، کنز العمّال: ج 10 ص 270 ح 29414.
6) المعجم الکبیر: ج 8 ص 149 ح 7653 عن أبی اُمامة، کنز العمّال: ج 6 ص 22 ح 14671.
7) الفردوس: ج 1 ص 246 ح 952 عن ابن عمر، کنز العمّال: ج 10ص 137 ح 28692.
8) الفردوس: ج 1 ص 246 ح 954 عن أبی سعید الخدری، کنز العمّال: ج 6 ص 7 ح 14595.
9) شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: ج 20 ص 316 ح 632.
10) شرح الأخبار: ج 2 ص 528 ح 453 نقلاً عن أبی نعیم؛ الفتن: ج 1 ص 129 ح 312 عن النزّال بن سبرة، کنز العمّال: ج 11 ص 364 ح 31755.
11) الشَّناءة: البُغض، وقد شنأته شنئاً… وشنآناً (الصحاح: ج 1 ص 57 «شنأ»).
12) أعنَقَ: إذا أسرع (النهایة: ج 3 ص 310«عنق»).
13) الحِنْدِسُ: اللیلُ المُظلم (تاج العروس: ج 8 ص 252 «حندس»).
14) رجُلٌ سَلِسٌ: أی لَیِّنٌ مُنقاد (الصحاح: ج 3 ص 938 «سلسل»).
15) قال ابن أبی الحدید: «وألقوا الهجینة على ربّهم» روی: «الهجینة» وروی «الهُجنة»، والمراد بهما الاستهجان من قولک: هو یهجّن کذا؛ أی یقبّحه، ویستهجنه؛ أی یستقبحه. أی نسبوا ما فی الأنساب من القبح بزعمهم إلى ربّهم (شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: ج 13 ص 149).
16) التعزّی: الانتماء والانتساب إلى القوم والعَزاء والعَزوَة: اسمٌ لِدَعوى المستغیث، وهو أن یقول: یا لَفُلان، أو یا لَلأنصار، ویا لَلمُهاجرین (النهایة: ج 3 ص 233 «عزا»).
17) نهج البلاغة: الخطبة 192، بحار الأنوار: ج 14 ص 467 ح 37.
18) قال المجلسی قدس سره: قوله علیه السلام: «ثمّ ورّثوه» أی جعلوه میراثاً یرثه کلُّ سفیه جاهل، أو صبیّ غیر عاقل (مرآة العقول: ج 25 ص 116).
19) الکافی: ج 8 ص 53 ح 16 بحار الأنوار: ج 78 ص 359 ح 2.
20) الکافی: ج 1 ص 376 ح 5، الغیبة للنعمانی: ص 133 ح 15 کلاهما عن عبد اللّه بن سنان، بحار الأنوار: ج 68 ص 113 ح 27.