324. رسول اللّه صلى الله علیه و آله- مِن کَلامٍ قالَهُ لِعَلِیٍّ علیه السلام لَمَّا استَعمَلَهُ عَلَى الیَمَنِ-: قَدِّمِ الوَضیعَ قَبلَ الشَّریفِ، وقَدِّمِ الضَّعیفَ قَبلَ القَوِیِّ.(1)
325. الإمام علیّ علیه السلام- مِن عَهدِهِ الَّذی کَتَبَهُ لِلأَشتَرِ النَّخَعِیِّ لَمّا وَلّاهُ عَلى مِصرَ-: ثُمَّ اللّهَ اللّهَ فِی الطَّبَقَةِ السُّفلى مِنَ الَّذینَ لا حیلَةَ لَهُم؛ مِنَ المَساکینِ وَالمُحتاجینَ وأَهلِ البُؤسى(2) وَالزَّمنى(3)، فَإِنَّ فی هذِهِ الطَّبَقَةِ قانِعا ومُعتَرّا(4)، وَاحفَظ لِلّهِ ما استَحفَظَکَ مِن حَقِّهِ فیهِم، وَاجعَل لَهُم قِسما مِن بَیتِ مالِکَ، وقِسما مِن غَلّاتِ(5) صَوافِی(6) الإِسلامِ فی کُلِّ بَلَدٍ، فَإِنَّ لِلأَقصى مِنهُم مِثلَ الَّذی لِلأَدنى، وکُلٌّ قَدِ استُرعیتَ حَقَّهُ، ولا یَشغَلَنَّکَ عَنهُم بَطَرٌ، فَإِنَّکَ لا تُعذَرُ بِتَضییعِکَ التّافِهَ لِإِحکامِکَ الکَثیرَ المُهِمَّ؛ فَلا تُشخِص هَمَّکَ عَنهُم، ولا تُصَعِّر(7) خَدَّکَ لَهُم.
وتَفَقَّد اُمورَ مَن لا یَصِلُ إلَیکَ مِنهُم مِمَّن تَقتَحِمُهُ العُیونُ، وتُحَقِّرُهُ الرِّجالُ؛ فَفَرِّغ لِاُولئِکَ ثِقَتَکَ مِن أهلِ الخَشیَةِ وَالتَّواضُعِ، فَلیَرفَع إلَیکَ اُمورَهُم، ثُمَّ اعمَل فیهِم بِالإِعذارِ إلَى اللّهِ یَومَ تَلقاهُ، فَإِنَّ هؤُلاءِ مِن بَینِ الرَّعِیَّةِ أحوَجُ إلَى الإِنصافِ مِن غَیرِهِم، وکُلٌّ فَأَعذِر إلَى اللّهِ فی تَأدِیَةِ حَقِّهِ إلَیهِ.
وتَعَهَّد أهلَ الیُتمِ وذَوِی الرِّقَّةِ فِی السِّنِّ مِمَّن لا حیلَةَ لَهُ، ولا یَنصِبُ لِلمَسأَلَةِ نَفسَهُ، وذلِکَ عَلَى الوُلاةِ ثَقیلٌ، وَالحَقُّ کُلُّهُ ثَقیلٌ؛ وقَد یُخَفِّفُهُ اللّهُ عَلى أقوامٍ طَلَبُوا العاقِبَةَ فَصَبَّروا أنفُسَهُم، وَوَثَقوا بِصِدقِ مَوعودِ اللّهِ لَهُم.(8)
326. الکافی عن حبیب بن أبی ثابت: جاءَ إلى أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام عَسَلٌ وتینٌ مِن هَمَدانَ وحُلوانَ، فَأَمَرَ العُرَفاءَ(9) أن یَأتوا بِالیَتامى، فَأَمکَنَهُم مِن رُؤوسِ الأَزقاقِ(10) یَلعَقونَها وهُوَ یُقَسِّمُها لِلنّاسِ قَدَحا قَدَحا، فَقیلَ لَهُ: یا أَمیرَ المُؤمِنینَ ما لَهُم یَلعَقونَها؟
فَقالَ: إنَّ الإِمامَ أبُو الیَتامى، وإنّما ألعَقتُهُم هذا بِرِعایَةِ الآباءِ.(11)
1) السنن الکبرى: ج 10 ص 227 ح 20452، تهذیب الکمال: ج 15 ص 241 الرقم 3396 کلاهما عن عبد اللّه ابن عبد العزیز العمری.
2) البُؤْسُ: الخُضوعُ والفَقْرُ (النهایة: ج 1 ص 89 «بأس»).
3) الزمانة: العاهة، زَمِنَ زَمْنا والجمع زَمْنى (تاج العروس: ج 18 ص 263 «زمن»).
4) القانع: الذی یسألُ، والمُعترُّ: الذی یتعرّض ولا یَسأل (تاج العروس: ج 11 ص 407 «قنع»).
5) الغَلّةُ: الدخل الذی یحصل من الزرع والثمر (النهایة: ج 3 ص 381 «غلل»).
6) الصوافی: الأملاک والأراضی التی جلا عنها أهلها، أو ماتوا ولا وارث لها (النهایة: ج 3 ص 40 «صفا»).
7) صعّر خَدَّهُ: أی أمالَهُ من الکِبْر (الصحاح: ج 2 ص 712 «صعّر»).
8) نهج البلاغة: الکتاب 53، تحف العقول: ص 141، بحار الأنوار: ج 33 ص 697 ح 744.
9) العُرَفاء: جمع عریف، وهو القیّم باُمور القبیلة أو الجماعة من الناس (النهایة: ج 3 ص 218 «عرف»).
10) الزِّقُّ: السِّقاء، أو جلد یُجَزَّ ولا ینتف، للشراب وغیره، والجمع: أزقاق وزقاق (القاموس المحیط: ج 3 ص 241 «زقق»).
11) الکافی: ج 1 ص 406 ح 5، بحار الأنوار: ج 27 ص 247 ح 7.