176. الإمام علیّ علیه السلام:
النّاسُ فِی الدُّنیا عامِلانِ: عامِلٌ عَمِلَ فِی الدُّنیا لِلدُّنیا، قَد شَغَلَتهُ دُنیاهُ عَن آخِرَتِهِ، یَخشى عَلى مَن یَخلُفُهُ الفَقرَ، ویَأمَنُهُ عَلى نَفسِهِ، فَیُفنی عُمُرَهُ فی مَنفَعَةِ غَیرِهِ، وعامِلٌ عَمِلَ فِی الدُّنیا لِما بَعدَها، فَجاءَهُ الَّذی لَهُ مِنَ الدُّنیا بِغَیرِ عَمَلٍ، فَأَحرَزَ الحَظَّینِ مَعا، ومَلَکَ الدّارَینِ جَمیعا، فَأَصبَحَ وَجیها عِندَ اللهِ لا یَسأَلُ اللهَ حاجَةً فَیَمنَعُهُ.(1)
177. عنه علیه السلام: إیّاکَ أن تَغتَرَّ بِما تَرى مِن إخلادِ أهلِ الدُّنیا إلَیها، وتَکالُبِهِم عَلَیها؛ فَقَد نَبَّأَکَ اللهُ عَنها، ونَعَت هِیَ لَکَ عَن نَفسِها، وتَکَشَّفَت لَکَ عَن مَساوِئِها؛ فَإِنَّما أهلُها کِلابٌ عاوِیَةٌ، وسِباعٌ ضارِیَةٌ، یَهِرُّ بَعضُها عَلى بَعضٍ، ویَأکُلُ عَزیزُها ذَلیلَها، ویَقهَرُ کَبیرُها صَغیرَها، نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ(2)، واُخرى مُهمَلَةٌ، قَد أضَلَّت عُقولَها، ورَکِبَت مَجهولَها، سُروحُ عاهَةٍ(3) بِوادٍ وَعثٍ(4)، لَیسَ لَها راعٍ یُقیمُها، ولا مُسیمٌ یُسیمُها(5)، سَلَکَت بِهِمُ الدُّنیا طَریقَ العَمى، وأخَذَت بِأَبصارِهِم عَن مَنارِ الهُدى، فَتاهوا فی حَیرَتِها، وغَرِقوا فی نِعمَتِها، وَاتَّخَذوها رَبّا، فَلَعِبَت بِهِم ولَعِبوا بِها، ونَسوا ما وَراءَها، رُوَیدا یُسفِرُ الظَّلامُ کَأَن قَد وَرَدَتِ الأَظعانُ، یوشِکُ مَن أسرَعَ أن یَلحَقَ.(6)
178. الإمام الباقر علیه السلام:
اللهُمَّ إنّی أسأَلُکَ مَفاتیحَ الخَیرِ وخَواتیمَهُ… اللهُمَّ انهَج إلَیَّ أسبابَ مَعرِفَتِهِ، وَافتَح لی أبوابَهُ، وغَشِّنی بِبَرَکاتِ رَحمَتِکَ، ومُنَّ عَلَیَّ بِعِصمَةٍ عَنِ الإِزالَةِ عَن دینِکَ، وطَهِّر قَلبی مِنَ الشَّکِّ، ولا تَشغَل قَلبی بِدُنیایَ، وعاجِلِ مَعاشی عَن آجِلِ ثَوابِ آخِرَتی.(7)
179. الإمام الصادق علیه السلام:
کَم مِن طالِبٍ لِلدُّنیا لَم یُدرِکها، ومُدرِکٍ لَها قَد فارَقَها، فَلا یَشغَلَنَّکَ طَلَبُها عَن عَمَلِکَ، وَالتَمِسها مِن مُعطیها ومالِکِها، فَکَم مِن حَریصٍ عَلَى الدُّنیا قَد صَرَعَتهُ، وَاشتَغَلَ بما أدرَکَ مِنها عَن طَلَبِ آخِرَتِهِ حَتّى فَنِیَ عُمُرُهُ وأدرَکَهُ أجَلُهُ.(8)
1) نهج البلاغة: الحکمة 269، خصائص الأئمّة: ص 98، نزهة الناظر: ص 53 ح 32 کلاهما نحوه، بحار الأنوار: ج 73 ص 131 ح 135.
2) المعَقَّلَة: المشدودة (النهایة: ج 3 ص 281 «عقل»).
3) العاهَة: الآفة. وأعاهَ القَومُ: أصابَت ماشِیَتَهم العاهة (الصحاح: ج 6 ص 2242 «عوه»).
4) الوَعْث: الرمل، والمشی فیه یشتدّ على صاحبه ویشقّ (النهایة: ج 5 ص 206 «وعث»).
5) السائمة من الماشیة: الراعیة؛ یقال: سامَت تَسُوم سَوْما، وأسَمْتُها أنا (النهایة: ج 2 ص 426 «سوم»).
6) نهج البلاغة: الکتاب 31، کشف المحجّة: ص 229 عن عمر بن أبی المقدام عن الإمام الباقر عنه علیهماالسلام، تحف العقول: ص 76 نحوه، بحار الأنوار: ج 77 ص 224 ح 2.
7) الکافی: ج 2 ص 588 ح 26، تهذیب الأحکام: ج 3 ص 76 ح 234، مُهج الدعوات: ص 217 کلّها عن أبی حمزة الثمالی، المقنعة: ص 178 من دون إسنادٍ إلى أحد من أهل البیت علیهم السلام، بحار الأنوار: ج 94 ص 269 ح 3.
8) الکافی: ج 2 ص 455 ح 9، مشکاة الأنوار: ص 464 ح 1549 نحوه.