جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

کثرة المال

زمان مطالعه: 3 دقیقه

174. رسول الله صلی الله علیه و آله:

اِحذَرُوا المالَ، فَإِنَّهُ کانَ فیما مَضى رَجُلٌ قَد جَمَعَ مالاً ووَلَدا وأقبَلَ عَلى نَفسِهِ وعِیالِهِ وجَمَعَ لَهُم فَأَوعى، فَأَتاهُ مَلَکُ المَوتِ فَقَرَعَ بابَهُ وهُوَ فی زِیِّ مِسکینٍ، فَخَرَجَ إلَیهِ الحُجّابُ فَقالَ لَهُم: اُدعوا إلَیَّ سَیِّدَکُم.

قالوا: أوَ یَخرُجُ سَیِّدُنا إلى مِثلِکَ! ودَفَعوهُ حَتّى نَحَّوهُ عَنِ البابِ.

ثُمَّ عادَ إلَیهِم فی مِثلِ تِلکَ الهَیئَةِ(1)، وقالَ: اُدعوا إلَیَّ سَیِّدَکُم وأخبِروهُ أنّی مَلَکُ المَوتِ، فَلَمّا سَمِعَ سَیِّدُهُم هذَا الکَلامَ قَعَدَ خائِفا فَرِقا(2)، وقالَ لِأَصحابِهِ: لینوا لَهُ فِی المَقالِ، وقولوا لَهُ: لَعَلَّکَ تَطلُبُ غَیرَ سَیِّدِنا، بارَکَ اللهُ فیکَ!

قالَ لَهُم: لا، ودَخَلَ عَلَیهِ وقالَ لَهُ: قُم فَأَوصِ ما کُنتَ موصِیا؛ فَإِنّی قابِضٌ روحَکَ قَبلَ أن أخرُجَ. فَصاحَ أهلُهُ وبَکَوا.

فَقالَ: اِفتَحُوا الصَّنادیقَ وَاکتُبوا (أکِبّوا) ما فیهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، ثُمَّ أقبَلَ عَلَى المالِ یَسُبُّهُ ویَقولُ لَهُ: لَعَنَکَ اللهُ یا مالُ! أنسَیتَنی ذِکرَ رَبّی وأغفَلتَنی(3) عَن أمرِ آخِرَتی حَتّى بَغَتَنی من أمرِ اللهِ ما قَد بَغَتَنی؟!(4)

175. الإمام الباقر علیه السلام:

کانَ عَلى عَهدِ رَسولِ اللهِ صلی الله علیه و آله مُؤمِنٌ فَقیرٌ شَدیدُ الحاجَةِ مِن أهلِ الصُّفَّةِ(5)، وکانَ مُلازِما لِرَسولِ اللهِ صلی الله علیه و آله عِندَ مَواقیتِ الصَّلاةِ کُلِّها لا یَفقِدُهُ فی شَیءٍ مِنها، وکانَ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله یَرِقُّ لَهُ ویَنظُرُ إلى حاجَتِهِ وغُربَتِهِ، فَیَقولُ: یا سَعدُ، لَو قَد جاءَنی شَیءٌ لَأَغنَیتُکَ.

قالَ: فَأَبطَأَ ذلِکَ عَلى رَسولِ اللهِ صلی الله علیه و آله، فَاشتَدَّ غَمُّ رَسولِ اللهِ صلی الله علیه و آله لِسَعدٍ، فَعَلِمَ اللهُ سُبحانَهُ ما دَخَلَ عَلى رَسولِ اللهِ صلی الله علیه و آله مِن غَمِّهِ لِسَعدٍ. فَأَهبَطَ عَلَیهِ جَبرَئیلَ علیه السلام و مَعَهُ دِرهَمانِ، فَقالَ لَهُ: یا مُحَمَّدُ، إنَّ اللهَ قَد عَلِمَ ما قَد دَخَلَکَ مِنَ الغَمِّ لِسَعدٍ، أفَتُحِبُّ أن تُغنِیَهُ؟

فَقالَ: نَعَم.

فَقالَ لَهُ: فَهاکَ هذَینِ الدِّرهَمَینِ فَأَعطِهِما إیّاهُ ومُرهُ أن یَتَّجِرَ بِهِما.

قالَ: فَأَخَذَ(6) رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله ثُمَّ خَرَجَ إلى صَلاةِ الظُّهرِ، وسَعدٌ قائِمٌ عَلى بابِ حُجُراتِ رَسولِ اللهِ صلی الله علیه و آله یَنتَظِرُهُ، فَلَمّا رَآهُ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله قالَ: یا سَعدُ، أتُحسِنُ التِّجارَةَ؟

فَقالَ لَهُ سَعدٌ: وَاللهِ ما أصبَحتُ أملِکُ مالاً أتَّجِرُ بِهِ! فَأَعطاهُ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله الدِّرهَمَینِ، وقالَ لَهُ: اِتَّجِر بِهِما وتَصَرَّف لِرِزقِ اللهِ. فَأَخَذَهُما سَعدٌ ومَضى مَعَ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله حَتّى صَلّى مَعَهُ الظُّهرَ وَالعَصرَ، فَقالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله: قُم فَاطلُبِ الرِّزقَ، فَقَد کُنتُ بِحالِکَ مُغتَمّا یا سَعدُ.

قالَ: فَأَقبَلَ سَعدٌ لا یَشتَری بِدِرهَمٍ شَیئا إلّا باعَهُ بِدِرهَمَینِ ولا یَشتَری شَیئا بِدِرهَمَینِ إلّا باعَهُ بِأَربَعَةِ دَراهِمَ، فَأَقبَلَتِ الدُّنیا عَلى سَعدٍ فَکَثُرَ مَتاعُهُ ومالُهُ وعَظُمَت تِجارَتُهُ، فَاتَّخَذَ عَلى بابِ المَسجِدِ مَوضِعا وجَلَسَ فیهِ فَجَمَعَ تِجارَتَهُ إلَیهِ، وکانَ رَسولُ اللهِ صلی الله علیه و آله إذا أقامَ بِلالٌ لِلصَّلاةِ یَخرُجُ وسَعدٌ مَشغولٌ بِالدُّنیا، لَم یَتَطَهَّر ولَم یَتَهَیَّأ کَما کانَ یَفعَلُ قَبلَ أن یَتَشاغَلَ بِالدُّنیا، فَکانَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله یَقولُ: یا سَعدُ، شَغَلَتکَ الدُّنیا عَنِ الصَّلاةِ! فَکانَ یَقولُ: ما أصنَعُ، اُضَیِّعُ مالی؟! هذا رَجُلٌ قَد بِعتُهُ فَاُریدُ أن أستَوفِیَ مِنهُ، وهذا رَجُلٌ قَدِ اشتَرَیتُ مِنهُ فاُریدُ أن اُوَفِّیَهُ.

قالَ: فَدَخَلَ رَسولَ اللهِ صلی الله علیه و آله مِن أمرِ سَعدٍ غَمٌّ أشَدُّ مِن غَمِّهِ بِفَقرِهِ، فَهَبَطَ عَلَیهِ جَبرَئیلُ علیه السلام، فَقالَ: یا مُحَمَّدُ، إنَّ اللهَ قَد عَلِمَ غَمَّکَ بِسَعدٍ، فَأَیُّما أحَبُّ إلَیکَ حالُهُ الاُولى أو حالُهُ هذِهِ؟

فَقالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله: یا جَبرَئیلُ، بَل حالُهُ الاُولى، قَد ذَهَبَت(7) دُنیاهُ بِآخِرَتِهِ.

فَقالَ لَهُ جَبرَئیلُ علیه السلام: إنَّ حُبَّ الدُّنیا وَالأَموالِ فِتنَةٌ ومَشغَلَةٌ عَنِ الآخِرَةِ، قُل لِسَعدٍ یَرُدُّ عَلَیکَ الدِّرهَمَینِ اللَّذَینِ دَفَعتَهُما إلَیهِ، فَإِنَّ أمرَهُ سَیَصیرُ إلَى الحالَةِ الَّتی کانَ عَلَیها أوَّلاً.

قالَ: فَخَرَجَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله فَمَرَّ بِسَعدٍ، فَقالَ لَهُ: یا سَعدُ، أما تُریدُ أن تَرُدَّ عَلَیَّ الدِّرهَمَینِ اللَّذَینِ أعطَیتُکَهُما؟

فَقالَ سَعدٌ: بَلى ومِئَتَینِ.

فَقالَ لَهُ: لَستُ اُریدُ مِنکَ یا سَعدُ إلَا الدِّرهَمَینِ، فَأَعطاهُ سَعدٌ دِرهَمَینِ. قالَ: فَأَدبَرَتِ الدُّنیا عَلى سَعدٍ حَتّى ذَهَبَ ما کانَ جَمَعَ، وعادَ إلى حالِهِ الَّتی کانَ عَلَیها.(8)


1) فی المصدر: «الهیبة»، والتصویب من بحار الأنوار.

2) الفَرَق: الخوف والفزع (النهایة: ج 3 ص 438 «فرق»).

3) فی المصدر: «أغفلتی»، والتصویب من بحار الأنوار.

4) عدّة الداعی: ص 95، بحار الأنوار: ج 103 ص 24 ح 27.

5) أهلُ الصُّفَّة: هم فقراء المهاجرین، ومن لم یکُن له منهم منزل یسکنه، فکانوا یأوُون إلى مَوضعٍ مُظَلَّل فی مسجد المدینة یسکنونه (النهایة: ج 3 ص 37 «صفف»).

6) فی بحار الأنوار: «فأخذهما»، وهو الأنسب.

7) فی المصدر «أذهَبَت»، والتصویب من بحارالأنوار.

8) الکافی: ج 5 ص 312 ح 38 عن أبی بصیر، مشکاة الأنوار: ص 473 ح 1583 نحوه، بحار الأنوار: ج 22 ص 122 ح 92.