جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

وحدة الکلمة

زمان مطالعه: 2 دقیقه

الکتاب

(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِیعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ وَاذْکُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَیْکُمْ إِذْ کُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَیْنَ قُلُوبِکُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَکُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَکُم مِّنْهَا کَذَالِکَ یُبَیِّنُ اللَّهُ لَکُمْ ءَایَاتِهِ لَعَلَّکُمْ تَهْتَدُونَ). (1)

الحدیث

28. الإمام علیّ علیه السلام: اِحذَروا ما نَزَلَ بِالاُمَمِ قَبلَکُم مِنَ المَثُلاَتِ (2) بِسُوءِ الأَفعالِ وذَمیمِ الأَعمالِ، فَتَذَکَّروا فِی الخَیرِ وَالشَّرِّ أحوالَهُم، وَاحذَروا أن تَکونوا أمثالَهُم. فَإِذا تَفَکَّرتُم فی تَفاوُتِ حالَیهِم، فَالزَموا کُلَّ أمرٍ لَزِمَتِ العِزَّةُ بِهِ شَأنَهُم (حالَهُم)، وزاحَتِ الأَعداءُ لَهُ عَنهُم، ومُدَّتِ العافِیَةُ بِهِ عَلَیهِم، وَانقادَتِ النِّعمَةُ لَهُ مَعَهُم، ووَصَلَتِ الکَرامَةُ عَلَیهِ حَبلَهُم؛ مِنَ الاِجتِنابِ لِلفُرقَةِ، وَاللُّزومِ لِلاُلفَةِ، وَالتَّحاضِّ (3) عَلَیها، وَالتَّواصی بِها، وَاجتَنِبوا کُلَّ أمرٍ کَسَرَ فِقرَتَهُم (4)، وأَوهَنَ مُنَّتَهُم (5): مِن تَضاغُنِ القُلوبِ، وتَشاحُنِ الصُّدورِ، وتَدابُرِ النُّفوسِ، وتَخاذُلِ الأَیدی.

وتَدَبَّروا أحوالَ الماضینَ مِنَ المُؤمِنینَ قَبلَکُم… فَانظُروا کَیفَ کانوا حَیثُ کانَتِ الأَملاءُ (6) مُجتَمِعَةً، وَالأَهواءُ مُؤتَلِفَةً (مُتَّفِقَةً)، وَالقُلوبُ مُعتَدِلَةً، وَالأَیدی مُترادِفَةً (مُتَرافِدَةً)، وَالسُّیوفُ مُتَناصِرَةً، وَالبَصائِرُ نافِذَةً، والعَزائِمُ واحِدَةً.

ألَم یَکونوا أرباباً (7) فی أقطارِ الأَرَضینَ، ومُلوکاً عَلى رِقابِ العالَمینَ؟! فَانظُروا إلى ما صاروا إلَیهِ فی آخِرِ اُمورِهِم، حینَ وَقَعَتِ الفُرقَةُ، وتَشَتَّتَتِ الاُلفَةُ، وَاختَلَفَتِ الکَلِمَةُ وَالأَفئِدَةُ، وتَشَعَّبوا مُختَلِفینَ، وتَفَرَّقوا مُتَحارِبینَ (مُتَحازِبینَ)، قَد خَلَعَ اللّهُ عَنهُم لِباسَ کَرامَتِهِ، وسَلَبَهُم غَضارَةَ (8) نِعمَتِهِ، وبَقِیَ قَصَصُ أخبارِهِم فیکُم عِبَراً للمُعتَبِرینَ.

فَاعتَبِروا بِحالِ وَلَدِ إسماعیلَ وبَنی إسحاقَ وبَنی إسرائیلَ علیهم السلام، فَما أشَدَّ اعتِدالِ الأَحوالِ، وأقرَبَ اشتِباهِ الأَمثالِ.

تَأَمَّلوا أمرَهُم فی حالِ تَشَتُّتِهِم وتَفَرُّقِهِم، لَیالِیَ کانَتِ الأَکاسِرَةُ وَالقَیاصِرَةُ أرباباً لَهُم، یَحتازونَهُم عَن ریفِ الآفاقِ، وبَحرِ العِراقِ، وخُضرَةِ الدُّنیا، إلى مَنابِتِ الشّیحِ (9)، ومَهافِی الرّیحِ، ونَکَدِ المَعاشِ، فَتَرَکوهُم عالَةً مَساکینَ، إخوانَ دَبَرٍ ووَبَرٍ (10)، أذَلَّ الاُمَمِ داراً، وأجدَبَهُم قَراراً، لا یَأوونَ إلى جَناحِ دَعوَةٍ یَعتَصِمونَ بِها، ولا إلى ظِلِّ اُلفَةٍ یَعتَمِدونَ عَلى عِزِّها، فَالأَحوالُ مُضطَرِبَةٌ، وَالأَیدی مُختَلِفَةٌ، وَالکَثرَةُ مُتَفَرِّقَةٌ؛ فىِ بَلاءٍ أزلٍ (11)، وأطباقِ جَهلٍ! مِن بَناتٍ مَوؤودَةٍ، وأصنامٍ مَعبودَةٍ، وأرحامٍ مَقطوعَةٍ، وغاراتٍ مَشنونَةٍ.

فَانظُروا إلى مَواقِع نِعَمِ اللّهِ عَلَیهِم حینَ بَعَثَ إلَیهِم رَسولاً، فَعَقَدَ بِمِلَّتِهِ طاعَتَهُم، وجَمَعَ عَلى دَعوَتِهِ اُلفَتَهُم؛ کَیفَ نَشَرَتِ النِّعمَةُ عَلَیهِم جَناحَ کَرامَتِها، وأسالَت لَهُم جَداوِلَ نَعیمِها، وَالتَفَّتِ المِلَّةُ بِهِم، فی ظِلِّ سُلطانٍ قاهِرٍ، وآوَتهُمُ الحالُ إلى کَنَفِ عِزٍّ غالِبٍ، وَتَعَطَّفَتِ الاُمورُ عَلَیهِم فی ذُرى مُلکٍ ثابِتٍ. فَهُم حُکّامٌ عَلَى العالَمینَ، ومُلوکٌ فی أطرافِ الأَرَضینَ، یَملِکونَ الاُمورَ عَلى مَن کانَ یُمضیها فیهِم، لا تُغمَزُ لَهُم قَناةٌ، ولا تُقرَعُ لَهُم صَفاةٌ. (12)

29. عنه علیه السلام: اِلزَموا السَّوادَ الأَعظَمَ؛ فَإِنَّ یَدَ اللّهِ مَعَ الجَماعَةِ، وإیّاکُم وَالفُرقَةَ؛ فَإِنَّ الشّاذَّ مِنَ النّاسِ لِلشَّیطانِ، کَما أنَّ الشّاذَّ مِنَ الغَنَمِ للِذِّئبِ.(13)


1) آل عمران: 103.

2) المَثُلَةُ: العقوبة، والجمع: المَثُلاتُ (الصحاح: ج 5 ص 1816 «مثل»).

3) حَضَّهُ: حَثَّهُ، والتَّحاضّ: التَّحاثّ (الصحاح: ج 3 ص 1071 «حضض»).

4) الفِقْرَةُ: مِثلُ الفَقَارة؛ واحدة فِقَارِ الظّهر (الصحاح: ج 2 ص 782 «فقر»).

5) المُنَّةُ ـ بالضمّ ـ: القُوَّةُ (الصحاح: ج 6 ص 2207 «منن»).

6) المَلَأُ: أشراف الناس ورؤساؤهم، وجمعه: أملاء (النهایة: ج 4 ص 351 «ملأ»).

7) الرَّبُّ: المَالِکُ والسیّد… (النهایة: ج 2 ص 179 «ربب»).

8) الغَضَارَةُ: الخیرُ والسَّعَةُ فی العیشِ (تاج العروس: ج 7 ص 311 «غضر»).

9) الشّیحُ: نبات سهلی یُتّخذ من بعضه المکانس، له طعم مرّ (لسان العرب: ج 2 ص 502 «شیح»).

10) أهلُ وَبَر: أی أهل البوادی والقُرى، وهو من وبر الإبل، لأنّ بیوتهم یتّخذونها منه (النهایة: ج 5 ص 145«وبر»).

11) الأَزل: الشدّة والضّیق (النهایة: ج 1 ص 46 «أزل»).

12) نهج البلاغة: الخطبة 192، بحار الأنوار: ج 14 ص 472 ح 37.

13) نهج البلاغة: الخطبة 127، غرر الحکم: ج 2 ص 326 ح 2747، عیون الحکم والمواعظ: ص 101 ح 2312 ولیس فیهما صدره إلى «مع الجماعة»، بحار الأنوار: ج 33 ص 373 ح 604.