368. مسند ابن حنبل عن عبد اللّه بن زریر: دَخَلتُ عَلى عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السلام، یَومَ الأَضحى، فَقَرَّبَ إلَینا خَزیرَةً(1)، فَقُلتُ: أصلَحَکَ اللّهُ لَو قَرَّبتَ إلَینا مِن هذَا البَطِّ- یَعنِی الوَزَّ- فَإِنَّ اللّهَ عز و جل قَد أکثَرَ الخَیرَ.
فَقالَ: یَا بنَ زَریرٍ، إنّی سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله علیه و آله یَقولُ: «لا یَحِلُّ لِلخَلیفَةِ مِن مالِ اللّهِ إلّا قَصعَتانِ؛ قَصعَةٌ یأکُلُها هُوَ وأهلُهُ، وَقَصعَةٌ یَضَعُها بَینَ یَدَیِ النّاسِ».(2)
369. الإمام علیّ علیه السلام: إنَّ اللّهَ عز و جل فَرَضَ عَلى أئِمَّةِ العَدلِ أن یُقَدِّروا أنفُسَهُم بِضَعَفَةِ النّاسِ، کَی لا یَتَبَیَّغَ(3) بِالفَقیرِ فَقرُهُ.(4)
370. عنه علیه السلام: إنَّ اللّهَ جَعَلَنی إماما لِخَلقِهِ، فَفَرَضَ عَلَیَّ التَّقدیرَ فی نَفسی وَمطعَمی ومَشرَبی ومَلبَسی کَضُعَفاءِ النّاسِ، کَی یَقتَدِیَ الفَقیرُ بِفَقری، وَلا یُطغِیَ الغَنِیَّ غِناهُ.(5)
371. عنه علیه السلام: إنَّ إمامَ المُسلِمینَ إذا وَلِیَ اُمورَهُم لَبِسَ لِباسَ أدنى فَقیرِهِم، لِئَلّا یَتَبَیَّغَ بِالفَقیرِ فَقرُهُ فَیَقتُلَهُ.(6)
372. عنه علیه السلام: عَلى أئِمَّةِ الحَقِّ أن یَتَأَسَّوا بِأَضعَفِ رَعِیَّتِهِم حالاً فِی الأَکلِ وَاللِّباسِ، ولا یَتَمَیَّزونَ عَلَیهِم بِشَیءٍ لا یَقدِرونَ عَلَیهِ، لِیَراهُمُ الفَقیرُ فَیَرضى عَنِ اللّهِ تَعالى بِما هُوَ فیهِ، ویَراهُمُ الغَنِیُّ فَیَزدادَ شُکرا وتَواضُعا.(7)
373. عنه علیه السلام- مِن کِتابِهِ إلى عُثمانَ بنِ حُنَیفٍ-: ألا و إنَّ لِکُلِّ مَأمومٍ إماما یَقتَدی بِهِ ویَستَضیءُ بِنورِ عِلمِهِ، ألا وإنَّ إمامَکُم قَدِ اکتَفى مِن دُنیاهُ بِطِمرَیهِ(8)، وَمِن طُعمِهِ بِقُرصَیهِ.(9)
374. الإمام زین العابدین علیه السلام: لا یَنبَغی لی شَیءٌ لا یَسَعُ النّاسَ.(10)
375. الکافی عن المعلّى بن خنیس: قُلتُ لِأَبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام یَوما: جُعِلتُ فِداکَ ذَکَرتُ آلَ فُلانٍ وما هُم فیهِ مِنَ النَّعیمِ، فَقُلتُ: لَو کانَ هذا إلَیکُم لَعِشنا مَعَکُم.
فَقالَ: هَیهاتَ یا مُعَلّى، أما وَاللّهِ إن لَو کانَ ذاکَ، ما کانَ إلّا سِیاسَةَ(11) اللَّیلِ وسِیاحَةَ(12) النَّهارِ، ولُبسَ الخَشِنِ وأکلَ الجَشِبِ(13)، فَزُوِیَ ذلِکَ عَنّا، فَهَل رَأیتَ ظُلامَةً قَطُّ صَیَّرَهَا اللّهُ تَعالى نِعمَةً إلّا هذِهِ.(14)
376. الغیبة للنعمانی عن المفضّل بن عمر: کُنتُ عِندَ أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام بِالطَّوافِ، فَنَظَرَ إلَیَّ وقالَ لی: یا مُفَضَّلُ، ما لی أراکَ مَهموما مُتَغَیِّرَ اللَّونِ؟ قالَ: فَقُلتُ لَهُ: جُعِلتُ فِداکَ، نَظَری إلى بَنِی العَبّاسِ، وما فی أیدیهِم مِن هذَا المُلکِ وَالسُّلطانِ وَالجَبَروتِ، فَلَو کانَ ذلِکَ لَکُم لَکُنّا فیهِ مَعَکُم.
فَقالَ: یا مُفَضَّلُ، أما لَو کانَ ذلِکَ لَم یَکُن إلّا سِیاسَةَ اللَّیلِ، وسِیاحَةَ(15) النَّهارِ، وأَکلَ الجَشِبِ، ولُبسَ الخَشِنِ شِبهَ أمیرِ المُؤمِنینَ علیه السلام وإلّا فَالنّارُ، فَزُوِیَ ذلِکَ عَنّا، فَصِرنا نَأکُلُ وَنَشرَبُ، وهَل رَأَیتَ ظُلامَةً جَعَلَهَا اللّهُ نِعمَةً مِثلَ هذا؟!(16)
377. الغیبة للنعمانی عن عمرو بن شمر: کُنتُ عِندَ أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام فی بَیتِهِ وَالبَیتُ غاصٌّ بِأَهلِهِ، فَأَقبَلَ النّاسُ یَسأَلونَهُ، فَلا یُسأَلُ عَن شَیءٍ إلّا أجابَ فیهِ، فَبَکَیتُ مِن ناحِیَةِ البَیتِ، فَقالَ: ما یُبکیکَ یا عَمرُو؟ قُلتُ: جُعلِتُ فِداکَ، وکَیفَ لا أبکی؟ وهَل فی هذِهِ الاُمَّةِ مِثلُکَ، وَالبابُ مُغلَقٌ عَلَیکَ وَالسِّترُ مُرخىً عَلَیکَ!
فَقالَ: لا تَبکِ یا عَمرُو، نَأکُلُ أکثَرَ الطَّیِّبِ، وَنَلبَسُ اللَّیِّنَ، ولَو کانَ الَّذی تَقولُ لَم یَکُن إلّا أکلُ الجَشِبِ ولُبسُ الخَشِنِ مِثلُ أمیرِ المُؤمِنینَ عَلِیِّ بنِ أبی طالِبٍ علیه السلام، وإلّا فَمُعالَجَةُ الأَغلالِ فِی النّارِ.(17)
378. الکافی عن حمّاد بن عثمان: أصابَ أهلَ المَدینَةِ غَلاءٌ وقَحطٌ، حَتّى أقبَلَ الرَّجُلُ المُوسِرُ یَخلُطُ الحِنطَةَ بِالشَّعیرِ ویَأکُلُهُ، ویَشتَری بِبَعضِ الطَّعامِ.
وکانَ عِندَ أبی عَبدِ اللّهِ علیه السلام طَعامٌ جَیِّدٌ قَدِ اشتَراهُ أوَّلَ السَّنَةِ، فَقالَ: لِبَعضِ مَوالیهِ: اِشتَرِ لَنا شَعیرا فَاخلُط [هُ](18) بِهذَا الطَّعامِ، أو بِعهُ، فَإِنّا نَکرَهُ أن نَأکُلَ جَیِّدا ویَأکُلُ النّاسُ رَدِیّا.(19)
379. الکافی عن معتّب: قالَ لی أبو عَبدِ اللّهِ علیه السلام- وقَد تَزَیَّدَ السِّعرُ باِلمَدینَةِ-: کَم عِندَنا مِن طَعامٍ؟ قالَ: قُلتُ: عِندَنا ما یَکفینا أشهُرا کَثیرَةً، قالَ: أخرِجهُ وبِعهُ، قالَ: قُلتُ لَهُ: ولَیسَ بِالمَدینَةِ طَعامٌ؟ قالَ: بِعهُ.
فَلَمّا بِعتُهُ قالَ: اِشتَرِ مَعَ النّاسِ یَوما بِیَومٍ، وقالَ: یا مُعَتِّبُ اجعَل قوتَ عِیالی نِصفا شَعیرا ونِصفا حِنطَةً، فَإِنَّ اللّهَ یَعلَمُ أنّی واجِدٌ أن اُطعِمَهُمُ الحِنطَةَ عَلى وَجهِها، ولکِنّی اُحِبُّ أن یَرانِیَ اللّهُ قَد أحسَنتُ تَقدیرَ المَعیشَةِ.(20)
380. تحف العقول- فی ذِکرِ ما رُوِیَ عَنِ الإِمامِ الرِّضا علیه السلام مِنَ الحِکَمِ وَالمَواعِظِ-: وقالَ لَهُ مُعَمَّرُ بنُ خَلّادٍ: عَجَّلَ اللّهُ فَرَجَکَ، فَقالَ علیه السلام: یا مُعَمَّرُ، ذاکَ فَرَجُکُم أنتُم، فَأَمّا أنَا فَوَاللّهِ ما هُوَ إلّا مِزوَدٌ(21) فیهِ کَفُّ سَویقٍ(22) مَختومٌ بِخاتَمٍ.(23)
381. الکافی عن معتّب: کانَ أبُو الحَسَنِ علیه السلام یَأمُرُنا إذا أدرَکَتِ الثَّمَرَةُ أن نُخرِجَها فَنَبیعَها، ونَشتَرِیَ مَعَ المُسلِمینَ یَوما بِیَومٍ.(24)
1) الخَزِیرَةُ: لحم یُقطَّعُ صغارا ویُصَبُّ علیه ماء کثیر، فإذا نضج ذُرَّ علیه الدقیق (النهایة: ج 2 ص 28 «خزر»).
2) مسند ابن حنبل: ج 1 ص 169 ح 578، الفردوس: ج 5 ص 109 ح 7631 عن الإمام علیّ علیه السلام عنه صلى الله علیه و آله وفیه ذیله من «لا یحلُّ للخلیفة»، کنز العمّال: ج 6 ص 79 ح 14924.
3) تَبَیّغ به: هاج به (الصحاح: ج 4 ص 1317 «بوغ»).
4) الکافی: ج 1 ص 411 ح 3 عن أحمد بن محمّد، نهج البلاغة: الخطبة 209، بحار الأنوار: ج 40 ص 336 ح 19.
5) الکافی: ج 1 ص 410 ح 1 عن حمید وجابر العبدی، بحار الأنوار: ج 40 ص 336 ح 17.
6) الاختصاص: ص 152 نقلاً عن کتاب ابن دأب فی فضل أمیر المؤمنین علیه السلام، بحار الأنوار: ج 40 ص 107 ح 117.
7) تذکرة الخواصّ: ص 110 عن الأحنف بن قیس.
8) الطِّمْرُ: الثوبُ الخَلِقُ (النهایة: ج 3 ص 138 «طمر»).
9) نهج البلاغة: الکتاب 45، بحار الأنوار: ج 40 ص 340 ح 27.
10) الطبقات الکبرى: ج 5 ص 218 عن ثابت الثمالی عن الإمام الباقر علیه السلام.
11) السِّیاسةُ: القیام على الشیء بما یُصلحه (النهایة: ج 2 ص 421 «سوس»).
12) السِّیاحةُ: الذهاب فی الأرض للعبادة (القاموس المحیط: ج 1 ص 230 «ساح»).
13) الجَشبُ: هو الغلیظ الخشن من الطعام، وقیل: غیر المأدوم (النهایة: ج 1 ص 272 «جشب»).
14) الکافی: ج 1 ص 410 ح 2، الدعوات: ص 296 ح 60 نحوه، ولیس فیه ذیله من «فزُوِی ذلک»، بحار الأنوار: ج 52 ص 340 ح 88.
15) فی المصدر: «سباحة»، وما أثبتناه هو الصحیح کما فی بحار الأنوار.
16) الغیبة للنعمانی: ص 287 ح 7، بحار الأنوار: ج 52 ص 359 ح 127.
17) الغیبة للنعمانی: ص 287 ح 8، بحار الأنوار: ج 52 ص 360 ح 128.
18) الزیادة من وسائل الشیعة.
19) الکافی: ج 5 ص 166 ح 1، تهذیب الأحکام: ج 7 ص 160 ح 709، وسائل الشیعة: ج 12 ص 321 ح 22929.
20) الکافی: ج 5 ص 166 ح 2، تهذیب الأحکام: ج 7 ص 161 ح 710، بحار الأنوار: ج 47 ص 59 ح 112.
21) المِزْوَدُ: ما یُجعلُ فیه الزاد (الصحاح: ج 2 ص 481 «زود»).
22) السَّویقُ: دقیق مقلوّ یُعمَل من الحنطة أو الشعیر (مجمع البحرین: ج 2 ص 909 «سوق»).
23) تحف العقول: ص 446، بحار الأنوار: ج 78 ص 339 ح 36.
24) الکافی: ج 5 ص 166 ح 3، تهذیب الأحکام: ج 7 ص 161 ح 711، بحار الأنوار: ج 48 ص 117 ح 33.
