32. الإمام علیّ علیه السلام: لا تَکُن مِمَّن.. یُؤَدِّی الأَمانَةَ ما عُوفِیَ واُرضِیَ، وَالخِیانَةَ إذا سَخِطَ وَابتُلِیَ، إذا عُوفِیَ ظَنَّ أنَّهُ قَد تابَ، وإنِ ابتُلِیَ ظَنَّ أنَّهُ قَد عوقِبَ. (1)
33. دلائل النبوّة للبیهقی عن موسى بن عقبة: جاءَ عَبدٌ حَبَشِیٌّ أسوَدُ مِن أهلِ خَیبَرَ کانَ فی غَنَمٍ لِسَیِّدِهِ، فَلَمّا رَأى أهلَ خَیبَرَ قَد أخَذُوا السِّلاحَ سَأَلَهُم: ما تُریدونُ؟
قالوا: نُقاتِلُ هذَا الرَّجُلَ الَّذی یَزعُمُ أنَّهُ نَبِیٌّ، فَوَقَعَ فی نَفسِهِ ذِکرُ النَّبِیِّ صلی الله علیه وآله، فَأَقبَلَ بِغَنَمِهِ حَتّى عَهِدَ (2) لِرَسولِ اللّهِ صلی الله علیه وآله.
فَلَمّا جاءَهُ قالَ: ماذا تَقولُ وماذا تَدعو إلَیهِ؟ قالَ: أدعو إلَى الإِسلامِ وأن تَشهَدَ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ، وأنّی مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ، وأن لا نَعبُدَ إلَا اللّهَ.
قالَ العَبدُ: فَماذا إلَیَّ إن أنَا شَهِدتُ وآمَنتُ بِاللّهِ؟ قالَ: لَکَ الجَنَّةُ إن مِتَّ عَلى ذالِکَ، فَأَسلَمَ.
قالَ: یا نَبِیَّ اللّهِ، إنَّ هذِهِ الغَنَمَ عِندی أمانَةٌ. قالَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه وآله: أخرِجها مِن عَسکَرِنا وَارمِها (3) بِالحَصباءِ؛ فَإِنَّ اللّهَ سَیُؤَدّی عَنکَ أمانَتَکَ. فَفَعَلَ، فَرَجَعَتِ الغَنَمُ إلى سَیِّدِها، فَعَرَفَ الیَهودِیُّ أنَّ غُلامَهُ قَد أسلَمَ.
فَقامَ رَسولُ اللّهِ صلی الله علیه وآله فَوَعَظَ النّاسَ، فَذَکَرَ الحَدیثَ فی إعطاءِ الرّایَةِ عَلِیّاً، ودُنُوِّهِم مِنَ الحِصنِ وقَتلِ مَرحَبٍ.
قالَ: وقُتِلَ مِنَ المُسلِمینَ العَبدُ الأَسوَدُ، ورَجَعَت عادِیَةُ الیَهودِ، وَاحتَمَلَ المُسلِمونَ العَبدَ الأَسوَدَ إلى عَسکَرِهِم فَاُدخِلَ فِی الفُسطاطِ، فَزَعَموا أنَّ رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه وآله اطَّلَعَ فِی الفُسطاطِ ثُمَّ أقبَلَ عَلى أصحابِهِ، فَقالَ: لَقَد أکرَمَ اللّهُ هذَا العَبدَ وساقَهُ إلى خَیرٍ، قَد کانَ الإِسلامُ مِن نَفسِهِ حَقّاً، وقَد رَأَیتُ عِندَ رَأسِهِ اثنَتَینِ مِنَ الحورِ العینِ. (4)
1) تحف العقول: ص 157، بحار الأنوار: ج 77 ص 411 ح 37.
2) العهد معناه: الالتقاء والإلمام (معجم مقاییس اللغة: ج 4 ص 167 «عهد»).
3) فی المصدر: «وارمیها»، وما أثبتناه هو الصحیح.
4) دلائل النبوّة للبیهقی: ج 4 ص 220، السیرة النبویة لابن هشام: ج 3 ص 358 عن ابن إسحاق نحوه، البدایة والنهایة: ج 4 ص 190.